إيران ترد- معادلات جديدة وتأثيرات على غزة

كما كان مُتَوَقَّعًا، نَفَّذَت إيرانُ وَعيدَها وهَدْيَدَها لِدَوْلَةِ الاحْتِلالِ بِتَوْجيهِ ضَرْبَةٍ صاروخيةٍ مُحْكَمَةٍ؛ ثَأْرًا واسْتِجَابَةً لاِسْتِهْدَافِ الكِيانِ المُغْتَصِبِ مَبْنًى يَتْبَعُ لِسِفَارَتِها فِي دِمَشْقَ قَبْلَ أَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ، وَقَدْ أَسْفَرَ هذا التَّطَاوُلُ عَنْ سُقُوطِ نُخْبَةٍ مِنَ القِيادَاتِ العَسْكَرِيَّةِ الإِيرَانِيَّةِ شَهِيدَةً، الأَمْرُ الذي وَضَعَتْهُ طهرانُ فِي إِطَارِ الاِسْتِهْدَافِ المُبَاشِرِ لِأَرَاضِي إِيرَانِيَّةٍ بِحُكْمِ الرَّمْزِيَّةِ الدِّبْلُومَاسِيَّةِ لِلسِّفَارَةِ، وَتَوَعَّدَتْ بِالرَّدِّ المُزَلْزِلِ عَلَيْهِ. وَإِذَا كَانَتْ ثَمَّةَ زَوَايَا مُتَعَدِّدَةٌ لِتَقْيِيمِ هذا الحَدَثِ كَمُتَغَيِّرٍ جَوْهَرِيٍّ فِي المِنْطَقَةِ، فَإِنَّ صِلَتَهُ بِالعُدْوانِ الغَاشِمِ عَلَى غَزَّةَ – تَأَثُّرًا وَتَأْثِيرًا – تَأْتِي فِي صَدَارَةِ هذه الزَّوَايَا وَأَوْلَوِيَّاتِ التَّحْلِيلِ فِي المَرْحَلَةِ الرَّاهِنَةِ.
الرد الإيراني
يَشُوبُ التَّبَايُنُ وَالاِخْتِلافُ الكَبِيرُ وَجْهَاتِ النَّظَرِ فِي تَوْصِيفِ وَتَحْلِيلِ مَا حَصَلَ، وَكَذَلِكَ فِي تَقْيِيمِ مَظَاهِرِهِ وَنَتَائِجِهِ بَيْنَ إِيرانَ مِنْ جِهَةٍ وَالكِيانِ المُحْتَلِّ مِنْ جِهَةٍ ثَانِيَةٍ، وَيَمْتَدُّ هذا التَّبَايُنُ لِيَشْمَلَ المُتَابِعِينَ وَالبَاحِثِينَ وَالمُحَلِّلِينَ، وَيَتَضَمَّنُ ذلك عَدَدَ المُسَيَّرَاتِ وَالصَّوَارِيخِ المُسْتَخْدَمَةِ، وَعَدَدَ مَا وَصَلَ مِنْهَا بَعْدَ تَخَطِّي دِفَاعَاتِ الاحْتِلالِ وَمَنْ قَدَّمَ لَهُ الدَّعْمَ وَالعَوْنَ، وَمَدَى الأَضْرَارِ المُبَاشِرَةِ النَّاجِمَةِ عَنِ القَصْفِ، فَضْلًا عَنِ الآثَارِ غَيْرِ المُبَاشِرَةِ، وَيَتَطَرَّقُ ذلك أَيْضًا إِلَى مَعْرِفَةِ مَوْعِدِ الرَّدِّ وَنَوْعِيَّتِهِ وَحُدُودِهِ، وَرُبَّمَا تَفَاصِيلُ أُخْرَى مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، وَالأَسْلِحَةِ المُسْتَخْدَمَةِ، وَغَيْرِ ذلك الكَثِيرِ.
إِلاَّ أَنَّ ممَّا لاَ يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ جُلُّ المُحَلِّلِينَ وَالمُتَتَبِّعِينَ، أَنَّ إيرانَ لَمْ تَقْتَصِرْ عَلَى سَرْدِيَّةِ "الصَّمْتِ الإِسْتِرَاتِيجِيِّ" هذه المَرَّةَ، بَلْ نَفَّذَتْ تَهْدِيدَهَا بِالرَّدِّ، وَأَنَّ الرَّدَّ كَانَ مُرَكَّبًا وَمُتَنَوِّعًا مِنَ النَّاحِيَةِ الجُغْرَافِيَّةِ، إِذْ شَارَكَتْ بِبَعْضِ تَفَاصِيلِهِ أَطْرَافٌ أُخْرَى غَيْرُ إِيرانَ، وَعَسْكَرِيًّا مِنْ حَيْثُ الأَسْلِحَةِ المُسْتَخْدَمَةِ، وَأَنَّهَا المرَّةَ الأُولَى التي تَسْتَهْدِفُ فِيهَا طهرانُ بِشَكْلٍ رَسْمِيٍّ وَمُعْلَنٍ عُمْقَ الأَرَاضِي "الإِسْرَائِيلِيَّةِ"، وَلَيْسَ عَبْرَ الأَطْرَافِ أَوِ الأَذْرُعِ المَحْسُوبَةِ عَلَيْهَا، وَأَنَّ الرَّدَّ كَانَ مُحَدَّدًا وَمَحْدُودًا فِي ظِلِّ سَعْيِ الأَخِيرَةِ لِئَلاَّ يَتَسَبَّبَ بِتَصْعِيدٍ كَبِيرٍ، أَوِ اِنْدِلاعِ حَرْبٍ مُوَسَّعَةٍ قَدْ تَضَعُهَا فِي مُوَاجَهَةٍ مُبَاشَرَةٍ مَعَ الوِلاَيَاتِ المُتَّحِدَةِ الأَمِيرْكِيَّةِ، وَلَيْسَ فَقَطْ دَوْلَةَ الاحْتِلالِ.
وَبِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ التَّبَايُنِ فِي زَوَايَا وَالتَّوَافُقِ فِي أُخْرَى، إِلاَّ أَنَّ أَهَمَّ دِلاَلاَتِ الضَّرْبَةِ التي وَجَّهَتْهَا إِيرانُ، أَنَّهَا مُتَغَيِّرٌ جَدِيدٌ فِي مُعَادَلاَتِ المِنْطَقَةِ، فَهِيَ المَرَّةُ الأُولَى لاِسْتِهْدَافٍ إِيرَانِيٍّ مُبَاشِرٍ وَبِشَكْلٍ رَسْمِيٍّ وَعَلَنِيٍّ لِدَوْلَةِ الاحْتِلالِ، وَالمَرَّةُ الأُولَى بِشَكْلٍ عَامٍّ فِي المِنْطَقَةِ بَعْدَ قَذَائِفِ الصَّوَارِيخِ التي كَانَ أَطْلَقَهَا الرَّئِيسُ العِرَاقِيُّ صَدَّامُ حُسَيْنٍ عَلَيْهَا فِي سِيَاقٍ مُخْتَلِفٍ تَمَامًا. وَهِيَ بِهَذَا المَعْنَى، سَعْيٌ إِيرَانِيٌّ حَثِيثٌ وَجَادٌّ لاِسْتِعَادَةِ مُعَادَلَةِ الرَّدْعِ وَالتَّوَازُنِ السَّابِقَةِ، التي حَاوَلَ الاحْتِلالُ كَسْرَهَا بِعَمَلِيَّةِ السِّفَارَةِ فِي دِمَشْقَ.
وَبِالتَّالِي، يُؤَشِّرُ ذلك عَلَى مَرْحَلَةٍ جَدِيدَةٍ وَمُتَغَيِّرَةٍ فِي المِنْطَقَةِ بِقَوَاعِدِ اِشْتِبَاكٍ مُخْتَلِفَةٍ هذه المَرَّةَ، إِذْ إِنَّ مَا يُكْسَرُ مِنْ قَوَاعِدِ الاِشْتِبَاكِ السَّابِقَةِ مَرَّةً، يُصْبِحُ أَسْهَلَ عَلَى الكَسْرِ وَيَتَحَوَّلُ عَلَى الأَغْلَبِ لِقَوَاعِدَ جَدِيدَةٍ. بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى لَمْ يَعُدْ قَصْفُ الدَّاخِلِ "الإِسْرَائِيلِيِّ" خَطًا أَحْمَرَ بَلْ أَمْرًا يُمْكِنُ أَنْ يَتَكَرَّرَ فِي سِيَاقَاتٍ وَظُرُوفٍ مُحْتَمَلَةٍ فِي المُسْتَقْبَلِ القَرِيبِ، أَوِ المَدَى البَعِيدِ، وَهَذَا أَمْرٌ يُغَيِّرُ الكَثِيرَ مِنَ الحِسَابَاتِ وَالتَّوَازُنَاتِ فِي المِنْطَقَةِ.
تَدَاعِيَاتُ الرَّدِّ لاَ يُمْكِنُ الحَزْمُ بِهَا مِنَ الآنَ، إِذْ سَتَعْتَمِدُ عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ "إِسْرَائِيلُ" سَتَرُدُّ عَلَى الرَّدِّ الإِيرَانِيِّ أَمْ لاَ، وَشَكْلُ هذا الرَّدِّ وَمَكَانُهُ وَباقِي تَفَاصِيلِهِ، وَمَا إِذَا كَانَ ذلك سَيَتَسَبَّبُ بِسِلْسِلَةٍ مِنَ الرُّدُودِ التي يُمْكِنُ أَنْ تَتَحَوَّلَ لِمُوَاجَهَةٍ شَامِلَةٍ، أَمْ أَنَّ الأَمْرَ سَيَقِفُ عِنْدَ حُدُودِ الرَّدِّ الإِيرَانِيِّ بِقَنَاعَةٍ "إِسْرَائِيلِيَّةٍ" وَ/أَوْ ضَغْطٍ أَمِيرْكِيٍّ.
تَحَدَّثَ القَائِدُ العَامُّ لِلحَرَسِ الثَّوْرِيِّ الإِيرَانِيِّ اللِّوَاءُ حُسَيْنُ سَلاَمِي، عَنْ مُعَادَلَةٍ جَدِيدَةٍ حَذَّرَ الاحْتِلالُ مِنْ اِخْتِبَارِهَا، مُفَادُهَا: "إِذَا هَاجَمَ الكِيَانُ الصُّهْيُونِيُّ مَصَالِحَنَا وَمُمْتَلَكَاتِنَا وَشَخْصِيَّاتِنَا وَمُوَاطِنِينَا فِي أَيِّ لَحْظَةٍ، فَسَوْفَ نَقُومُ بِهُجُومٍ مُضَادٍّ عَلَيْهِ". الأَمْرُ الذي يَعْنِي أَنَّ ثَمَّةَ قَوَالِبَ قَدْ كُسِرَتْ، وَقَوَاعِدَ اِشْتِبَاكٍ جَدِيدَةٍ يُمْكِنُ أَنْ تَحُلَّ مَكَانَ القَائِمَةِ، وَبِالتَّالِي فَقَدْ دَخَلَتِ المِنْطَقَةُ فِي مَرْحَلَةٍ جَدِيدَةٍ كُلِّيًّا، إِذَا لَمْ تَكُنِ العَوْدَةُ لِمُعَادَلاَتِ الرَّدْعِ وَقَوَاعِدِ الاِشْتِبَاكِ القَدِيمَةِ حَلاً مُفَضَّلاً مِنَ الجَمِيعِ.
موقع غزة
لَمْ تُعْلِنْ طهرانُ أَنَّ الرَّدَّ يَسْتَهْدِفُ وَقْفَ العُدْوانِ عَلَى غَزَّةَ، وَلاَ نُصْرَةَ مُقَاوَمَتِهَا، وَلاَ حَتَّى أَعْلَنَتْ أَنَّهَا تَأْتِي فِي إِطَارِ مُوَاجَهَةٍ مَفْتُوحَةٍ مَعَ الاحْتِلالِ، وَإِنَّمَا كَرِسَالَةِ تَحْذِيرٍ لِمَا يُمْكِنُ أَنْ تَفْعَلَهُ مُسْتَقْبَلاً فِي حَالِ اِسْتَمَرَّ اِسْتِهْدَافُهَا. بِهَذَا المَعْنَى، فَغَزَّةُ لَيْسَتْ حَاضِرَةً فِي قَلْبِ دَوَافِعِ الرَّدِّ الإِيرَانِيِّ، لَكِنَّ ذلك لاَ يَعْنِي أَنَّهَا غَيْرُ حَاضِرَةٍ فِي الحَدَثِ بِالمُطْلَقِ تَأَثُّرًا وَتَأْثِيرًا.
فَفِي المَقَامِ الأَوَّلِ، أَتَى الاِسْتِهْدَافُ "الإِسْرَائِيلِيُّ" لِلْمُسْتَشَارِينَ العَسْكَرِيِّينَ الإِيرَانِيِّينَ فِي سُورِيَا؛ بِسَبَبِ دَوْرِهِمْ فِي دَعْمِ المُقَاوَمَةِ الفِلَسْطِينِيَّةِ، عَلَى مَا قَال الاحْتِلالُ، وَأَكَّدَتْهُ كَتَائِبُ القَسَّامِ فِي بَيَانٍ لَهَا. كَمَا أَنَّ الرَّدَّ الإِيرَانِيَّ المُبَاشِرَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ لَمْ يَكُنْ لِيَحْصُلَ لَوْلاَ مَعْرَكَةُ "طُوفَانِ الأَقْصَى"، وَمَا تَبِعَهَا مِنْ تَطَوُّرَاتٍ مُتَلاَحِقَةٍ مُنْذُ السَّابِعِ مِنْ أُكْتُوبَرَ/تِشْرِينَ الأَوَّلِ، أَزَالَتِ الكَثِيرَ مِنْ هَالَةِ القُوَّةِ حَوْل الاحْتِلالِ، وَكَسَرَتْ هَيْبَتَهُ، وَكَشَفَتْ بَعْضَ ثَغَرَاتِهِ وَفَتَحَتِ البَابَ أَمَامَ مُعَادَلاَتٍ جَدِيدَةٍ فِي التَّعَامُلِ مَعَهُ.
هَذَا، مَعَ عَدَمِ إِغْفَالِ أَنَّ الاحْتِلالَ وَمَنْ خَلْفَهُ الوِلاَيَاتُ المُتَّحِدَةُ الأَمِيرْكِيَّةُ، يَنْظُرَانِ لِلْفِعْلِ الإِيرَانِيِّ مِنْ زَاوِيَةِ الحَرْبِ فِي غَزَّةَ، إِذْ طَالَمَا كَانَ لِطهرانَ سَهْمٌ مُهِمٌّ فِي مُرَاكَمَةِ القُوَّةِ فِي القِطَاعِ، كَمَا كَانَ لِعَدَدٍ مِنَ القُوَى المَحْسُوبَةِ عَلَيْهَا فِي كُلٍّ مِنْ لُبْنَانَ وَاليَمَنِ وَالعِرَاقِ، مُسَاهَمَاتٌ قَيِّمَةٌ فِي هذه الحَرْبِ إِسْنَادًا لِغَزَّةَ، فَضْلًا عَنْ أَنَّ الخِطَابَ المُؤَسِّسَ لِمَعْرَكَةِ "طُوفَانِ" الأَقْصَى فِي الأَسَاسِ كَانَ يَتَحَدَّثُ عَنْ حَرْبٍ شَامِلَةٍ وَفْقَ مَنْطِقِ "وَحْدَةِ السَّاحَاتِ".
لَكِنْ، وَحَتَّى بَعيدًا عَنِ السِّيَاقِ السَّابِقِ لِلْعَلاَقَةِ بَيْنَ إِيرانَ وَقُوَى المُقَاوَمَةِ الفِلَسْطِينِيَّةِ وَتَحْدِيدًا حَمَاسَ، وَإِضَافَةً لِتَأْثِيرِ غَزَّةَ الوَاضِحِ – مِنْ خِلاَلِ مَعْرَكَةِ "طُوفَانِ الأَقْصَى" وَتَدَاعِيَاتِهَا – عَلَى مُعَادَلاَتِ الرَّدْعِ بَيْنَ إِيرانَ وَدَوْلَةِ الاحْتِلالِ، تَبْدُو غَزَّةُ فِي مَوْقِعِ التَّأَثُّرِ كَذَلِكَ بِالرَّدِّ وَتَدَاعِيَاتِهِ، بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ أَوْ غَيْرِ مُبَاشِرٍ.
فِي المَدَى المُبَاشِرِ، كَانَ مُلاَحَظًا أَنَّ العَمَلِيَّاتِ العَسْكَرِيَّةَ "الإِسْرَائِيلِيَّةَ" فِي قِطَاعِ غَزَّةَ جَوًّا وَبَحْرًا تَرَاجَعَتْ وَاِنْحَسَرَتْ أَضْرَارُهَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، كَمَا كَانَ وَاضِحًا سَعْيُ نِتَانْيَاهُو لِلاِسْتِفَادَةِ مِنَ الحَدَثِ لاِسْتِعَادَةِ فِكْرَةِ المَظْلُومِيَّةِ وَالدَّعْمِ الغَرْبِيِّ، وَتَحْصِيلِ مَكَاسِبَ غَنِيَّةٍ مِنْ وَاشِنْطُنَ، لَكِنَّ هذه التَّأْثِيرَاتِ – الإِيجَابِيَّةَ وَالسَّلْبِيَّةَ – سِيَاقِيَّةٌ وَظَرْفِيَّةٌ وَمُؤَقَّتَةٌ.
عَلَى المَدَى البَعِيدِ، لاَ يُمْكِنُ الحَزْمُ بِاِتِّجَاهِ وَحَجْمِ تَأْثِيرِ الحَدَثِ فِي العُدْوانِ "الإِسْرَائِيلِيِّ" عَلَى غَزَّةَ بِشَكْلٍ خَاصٍّ، وَالقَضِيَّةِ الفِلَسْطِينِيَّةِ فِي العُمُومِ، إِذَا مَا اِتَّجَهَتِ الأُمُورُ لِلتَّصْعِيدِ المُوَسَّعِ، أَوِ الحَرْبِ الشَّامِلَةِ، فَذَلِكَ مَرْهُونٌ بِنَتَائِجِ هذهِ المُوَاجَهَةِ المُحْتَمَلَةِ، وَتَدَاعِيَاتِهَا عَلَى الأَطْرَافِ المُنْخَرِطَةِ فِيهَا، وَعَلَى المِنْطَقَةِ كَكُلٍّ.
وَعَلَيْهِ، فَإِنَّ سِينَارْيُو اِسْتِمْرَارِ الاِسْتِهْدَافِ، وَالاِسْتِهْدَافِ المُقَابِلِ، يُمْكِنُ أَنْ يُفِيدَ غَزَّةَ – مُقَاوَمَةً وَشَعْبًا – أَوْ يَضُرَّهَا حَسَبَ مَآلاَتِ هذا السِّينَارْيُو فِي نِهَايَةِ المَطَافِ، وَكَذَلِكَ حَسَبَ مُدَّتِهِ وَسَقْفِهِ وَالأَطْرَافِ المُنْخَرِطَةِ بِهِ… إِلَخْ.
لَكِنْ، فِي المُقَابِلِ، فَإِنَّ اِكْتِفَاءَ دَوْلَةِ الاحْتِلالِ بِتَلَقِّي الرَّدِّ الإِيرَانِيِّ وَعَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهِ، رَغْمَ مَحْدُودِيَّةِ آثَارِهِ المَادِّيَّةِ عَلَيْهَا، سَيَعْنِي أَنَّ التَّأْثِيرَ عَلَى غَزَّةَ سَيَكُونُ مَحْدُودًا وَضَئِيلاً؛ بِمَعْنَى اِسْتِمْرَارِ الحَرْبِ البَرِّيَّةِ "الإِسْرَائِيلِيَّةِ"، بِمَا فِي ذلك اِحْتِمَالاَتُ دُخُولِ رَفَحَ، إِلاَّ أَنَّ ذلك يَبْقَى خِيَارًا غَيْرَ مُرَجَّحٍ بِكُلِّ الأَحْوَالِ.
الاِحْتِمَالُ الأَرْجَحُ، هُوَ اِسْتِفَادَةُ قِطَاعِ غَزَّةَ مِنَ الرَّدِّ الإِيرَانِيِّ بِشَكْلٍ غَيْرِ مُبَاشِرٍ. ذلك أَنَّ مَا حَصَلَ، مَعَ اِحْتِمَالاَتِ الرَّدِّ "الإِسْرَائِيلِيِّ"، وَسِينَارْيُو التَّصْعِيدِ المُتَدَرِّجِ أَوِ المُنْفَلِتِ، يَعْنِي أَنَّ اِحْتِمَالاَتِ خُرُوجِ الأُمُورِ عَنِ السَّيْطَرَةِ بِالكَامِلِ، وَتَحَوُّلِهَا لِحَرْبٍ إِقْلِيمِيَّةٍ مُوَسَّعَةٍ أَوْ مُوَاجَهَةٍ شَامِلَةٍ، تَتَعَاظَمُ مَعَ الوَقْتِ، وَتُصْبِحُ رَاجِحَةً، وَهُوَ مَا سَيُعَزِّزُ مَسَاعِيَ الاحْتِوَاءِ وَضَبْطِ الأُمُورِ، وَبِالتَّالِي دَعْمِ جُهُودِ وَقْفِ الحَرْبِ عَلَى غَزَّةَ؛ تَجَنُّبًا لِلسِّينَارْيُو الذي لاَ تُرِيدُهُ وَاشِنْطُنُ، عَلَى الأَقَّلِ فِي المَرْحَلَةِ الحَالِيَةِ.
فِي الخُلاَصَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَزَّةُ عُنْوَانَ الرَّدِّ الإِيرَانِيِّ أَوْ دَافِعَهُ الرَّئِيسَ، إِلاَّ أَنَّهَا حَاضِرَةٌ ضِمْنَ عَوَامِل تَهْيِئَةِ الأَرْضِيَّةِ لَهُ مِنْ جِهَةٍ، وَمُتَأَثِّرَةً بِسَيْرُورَتِهِ وَمَآلاَتِهِ النِّهَائِيَّةِ مِنْ جِهَةٍ ثَانِيَةٍ. لاَ نُرَجِّحُ أَنْ يَكُونَ ذلك التَّأْثِيرُ مُبَاشِرًا وَسَرِيعًا وَكَبِيرًا، لَكِنَّ الأَحْدَاثَ مُتَرَابِطَةٌ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ وَمُلاَحَظٍ، مَا يُعَزِّزُ فِكْرَةَ التَّأْثِيرِ طَوِيلِ المَدَى، وَغَيْرِ المُبَاشِرِ، لاَ سِيَّمَا أَنَّ الأَمْرَ بِرُمَّتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَعْرَكَةِ "طُوفَانِ الأَقْصَى"، وَمَا تَسَبَّبَتْ بِهِ مِنْ تَطَوُّرَاتٍ مُتَلاَحِقَةٍ.
لَقَدْ فَتَحَتْ مَعْرَكَةُ السَّابِعِ مِنْ أُكْتُوبَرَ/تِشْرِينَ الأَوَّلِ، صَفْحَةً جَدِيدَةً زَاهِرَةً فِي المِنْطَقَةِ، فَتَحَتْ بِدَوْرِهَا البَابَ عَلَى تَطَوُّرَاتٍ مُتَسَارِعَةٍ – مَقْصُودَةٍ أَوْ غَيْرِ مَقْصُودَةٍ – يَبْنِي بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِشَكْلٍ مُطَّرِدٍ؛ لِتَرْسُمَ وَجْهًا جَدِيدًا لِلْمِنْطَقَةِ بِإِرَادَةِ الدُّوَلِ وَالقُوَى المُنْخَرِطَةِ أَوْ رَغْمًا عَنْهَا أَوْ عَنْ بَعْضِهَا.
إِنَّ المِنْطَقَةَ بَعْدَ "طُوفَانِ الأَقْصَى" لَيْسَتْ كَمَا قَبْلَهَا، وَلَنْ تَعُودَ عَلَى الأَغْلَبِ لِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ، فَقَدْ أَسَّسَتِ المَعْرَكَةُ لِمَرْحَلَةٍ جَدِيدَةٍ يَسْعَى مُخْتَلِفُ الأَطْرَافِ الإِقْلِيمِيَّةِ لِلتَّكَيُّفِ مَعَهَا طَوْعًا أَوْ كُرْهًا، وَمَا زَالَتْ تَأْثِيرَاتُ المَعْرَكَةِ المُنْكَشِفَةِ حَتَّى اللَّحْظَةِ أَقَلَّ بِكَثِيرٍ مِمَّا سَيَتَّضِحُ لاَحِقًا حِينَ تَتَهَيَّأَ ظُرُوفُهُ المُؤَاتِيَةُ.
